وزير الثقافة، وثقافة الوزير..
تعتبر الأخطاء مسألة واردة، سواء في الخطابة، أو الكتابة، فيقال مثلا "ألحن من قارئ" إلا أن الخطأ يعظم بحسب مرتكبه، ومناسبته، وطبيعة الخطأ نفسه، تماما كما هي الحسنات، والسيئات، تعظم بحسب الزمان، والمكان، فأن يخطئ تلميذ في الابتدائية خطأ إملائيا فذاك مبرر إلى حد ما، وأن يتسرع طالب في مسابقة هامة، أو امتحان مصيري تحت ضغط الوقت، وعيون المراقبين، فيتجاوز قواعد الإملاء فذاك أمر له ما يبرره.
أما أن يخطئ وزير – وأي وزير- في كتابة جملة عربية سليمة، فذاك خطأ يرقى لدرجة "الخطيئة" بسبب الاعتبارات التالية:
الخاطئ...
وهو وزير، وللمفارقة هو وزير الثقافة، وهو ما يعطي للخطأ قيمة إضافية، أو مضافة، فإذا كان وزير الثقافة يكتب هكذا، فكيف سنحاسب الوزراء الآخرين..
طبيعة الخطأ..
إن قواعد كتابة التاء، والهمزة هي من أبجديات ما يتعلمه الأطفال في الابتدائية، بل ويتعلمونه سليقة، ودربة عبر الممارسة، والمشاهدة، فلو كان الخطأ مثلا في تنزيل صورة بلاغية في غير موضعها، أو كان الخطأ "عروضيا" في بيت شعري جادت به قريحة الوزير بالمناسبة، كان الأمر أسهل، أما وطبيعة الخطأ هي مما يستقبحه الأطفال قبل الكبار فالأمر أدهى، وأمر...
المناسبة..
للأسف، فمناسبة الخبر هي كتابة برقية باسم رئيس الجمهورية، والشعب الموريتاني لتعزية الشعب، والمستشارة الألمانيين، وقد انتدبت الحكومة من يفترض فيه "الثقافة" ليعبر عن المناسبة بما تستحق، فكانت الكارثة أنه سطر جملا حملت أخطاء ستحتفظ بها سفارة ألمانيا، لتكون دليلا ملموسا على دحض المقولة المشهورة أن موريتانيا بلد المليون شاعر، وأرض الفصاحة، والبلاغة.. !!
وللمفارقة، فإن معالي الوزير حاصل على جائزة شنقيط في الدراسات الإسلامية، عن بحث في مجال الأصول سنة 2005 وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول معايير منح هذه الجائزة، ومعالي الوزير من القوم الذين يقول شاعرهم:
إنا بنو حسن دلت فصاحتنا @ أنا إلى العرب العرباء ننتسب
إن لم تقم بينات أننا عرب @ ففي اللسان بيان أننا عرب
مقترح بسيط..
أقترح على الحكومة أن تفتتح فصولا لمحو أمية الوزراء، مستغلة العطلة السنوية، وبالمناسبة أعلن استعدادي لتقديم دروس في أبجديات اللغة العربية للسادة الوزراء، يا جماعة الخير "العلم ما منو سحوة" .. طلب العلم من المهد، إلى اللحد.. أتفو بيه الا الجهل.
من صفحة: الأستاذ سعدبوه ولد الشيخ محمد
