هل غاب الشيخ الددو، أم غـُيب.. ومن المسؤول ؟
مع غياب العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو عن جلسات مؤتمر علماء السنة الذي افتتحه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز صباح اليوم بانواكشوط، عجت صفحات التواصل الاجتماعي، وبعض المنابر الإعلامية بأخبار، وتعليقات، أجمع معظمها على التنديد بغياب الشيخ الددو، قدر إجماعهم على تحميل السلطات الموريتانية مسؤولية ذلك، وبالنظر للمعطيات المتوفرة حتى الآن على الأقل، يمكن استنتاج ما يلي:
هل غاب الشيخ الددو، أم غـُيب ؟
سؤال لا ينبغي القفز عليه، لأنه مكمن القضية، فمعلوم أن وزارة الشؤون الإسلامية ليست الجهة التي نظمت المؤتمر، بل تنظمه رابطة العالم الإسلامي، وحضر أمينها العام لانواكشوط، لذلك فالرابطة هي المعنية أساسا بتوجيه الدعوات، وبالتالي هي من تتحمل المسؤولية الأكبر عن من يحضر، ومن يتغيب، ومعلوم أن رابطة العالم الإسلامي تسيطر عليها السعودية، التي تناصب العداء جهارا لجماعة الإخوان المسلمين، وتعتبر الشيخ الددو أحد المقربين منها، ولا ينبغي أن نقفز على الحقائق.
موقف الوزارة..
أنا هنا لا أريد تبرئة وزارة الشؤون الإسلامية من "جريمة" غياب الشيخ الددو عن قصر المؤتمرات اليوم، إنما أريد فقط الإشارة إلى أن الحكومة الموريتانية ليست في قطيعة مع العلامة الددو، بدليل أن الشيخ الددو هو أقرب العلماء لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، يحضر في أفراح الرئيس، وأتراحه، وما قصة السماح للشيخ الددو "حصرا" بمقابلة الرئيس بعد إصابته برصاصة اطويلة عنا ببعيد، كما أن الشيخ الددو يجوب مشارق موريتانيا، ومغاربها معززا، مكرما – كما يستحق- دون أي مضايقة من السلطات، علما أن العلماء – والشيخ الددو نفسه- تعرض للاعتقال، والإهانة ذات يوم، وذات نظام في هذا البلد.
كما كان الشيخ الددو على رأس مستقبلي ولد عبد العزيز في المناطق المحسوبة على الشيخ، أو المحسوب عليها، قبل أشهر.
إذا.. فالقول إن الشيخ الددو يناصب العداوة للنظام، أو العكس هو قول يستحق بجدارة أن يكون "كذبة ابريل المقبل" وعلى من يرفعون هذا الشعار أن يبحثوا عن طريقة للتودد، والتقرب للشيخ الددو، أو النظام غيرها، صحيح أن العلامة الددو محسوب سياسيا على حزب معارض، وصحيح أن هذا الحزب يعترف – بل يعتز بذلك- ولكن لو كان النظام يريد معاقبة الشيخ الددو على ذلك، كان عليه أولا أن يضايق، ويعتقل رئيس الحزب، وقياداته، قبل مضايقة أنصاره – هكذا يقول المنطق-.
الحضور، والغياب..
يعتبر العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو أبرز العلماء الشباب في العالم الإسلامي – تقريبا- وحصد عديد الجوائز، وجاب أقطار الدنيا، حاملا رسالة الإسلام، ومعه حاملا علما جما، وذاكرة موسوعية، أبهرت كل من يقابلونه، ومن المؤكد أن الشيخ الددو ليس بحاجة لحضور مؤتمر هنا، أو ندوة هناك، فالمؤتمرات، والندوات هي التي بحاجة لحضور الشيخ الددو، وليس العكس، لذلك فإن تصوير غياب الشيخ الددو عن ندوة في انواكشوط على أنه "إهانة" للشيخ أمر خاطئ، كما أن التركيز فقط على غياب الشيخ الددو، وتجاهل العشرات من العلماء الأجلاء، الذين حضروا، من داخل البلد، وخارجه، والتقليل من شأنهم، ومكانتهم هو كذلك أمر خاطئ.
هذا كل ما يمكن أن يقال، في انتظار اتضاح الصورة، لنعرف هل غاب الشيخ، أو غيب، ومن المسؤول..؟ وفي انتظار ذلك، ومهما يكن فإن العلامة الددو يبقى حاضرا في قلوب الموريتانيين، والمسلمين أجمع، وليس ذلك أمرا قابلا للنقاش، أو المزايدة.