لهذه الأسباب قرر العالم التخلي عن حركة " إيرا" (حصري)
تعاني حركة " إيرا" في موريتانيا في الآونة الأخيرة من انحسار كبير في شعبيتها، برهنت عليه أعداد المشاركين في مظاهرات الحركة الأخيرة، ووقفاتها أمام السجن المدني في انواكشوط، التي لم تتجاوز بضعة أشخاص يتناقصون تدريجيا، كما تعاني " إيـرا" من تراجع كبير في الدعم الدولي، برهنت عليه عدة تصريحات، ومواقف من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، وأوربا.
فاستعراض جنيف الأخير منح الحكومة الموريتانية شهادة حسن سلوك في مجال حقوق الإنسان، ومكافحة آثار الاسترقاق، ولاحقا أكد مسؤول أمريكي رفيع أن بلاده تتفهم مخاوف الحكومة الموريتانية من استغلال الاحتجاجات الحقوقية لإثارة الفوضى، وإذكاء النعرات، وتفرقة المجتمع.
وكانت القشة التي قسمت ظهر بعير حركة " إيرا" هي المؤتمر الصحفي الذي عقده مقرر الأمم المتحدة المكلف بمحاربة التعذيب، والمعاملات المهينة، حيث أكد المسؤول الدولي في انواكشوط أن جميع من التقاهم من السجناء أكدوا له عدم تعرضهم للتعذيب، وشدد المقرر الأممي على أن العبودية لم تعد موجودة في موريتانيا، وأضاف أن حكومة موريتانيا لم تكتف فقط بالكف عن ممارسة الاسترقاق بل سنت قوانين رادعة تجرمه، وهذا أمر رائع – يقول المسؤول الدولي- واعتبر المقرر الأممي أن موريتانيا أصبحت مثالا يحتذي في مجال مكافحة الاسترقاق، ومعالجة الإرث الإنساني، والمصالحة الوطنية.
لم تكن هذه التصريحات وحدها أسوأ ما قاله المسؤول الحقوقي الدولي بالنسبة لحركة " إيرا" بل كانت الضربة القاسية في تجاهله للحديث عن زعيم الحركة بيرام ولد اعبيدي القابع بالسجن المدني في انواكشوط، ورفض المسؤول الأممي مجرد ذكر اسم بيرام، وعندما سأله أحد الصحفيين إن كان قد التقى به في السجن أم لا، أجاب المقرر الأممي بطريقة تهكمية، فيها الكثير من الاستهزاء، دون أن يتلفظ باسم بيرام على الإطلاق.
وهذا الموقف من أرفع مسؤول دولي معني بحقوق الإنسان رأى فيه المراقبون " طلاقا بائنا" من المجتمع الدولي لحركة " إيرا" لكن السؤال يبقى مطروحا.. ما الأسباب التي أدت لانحسار شعبية " إيرا" في الداخل، وإفلاس مشروعها في الخارج ؟!!.
المتتبع لمسار هذه الحركة يلاحظ بوضوح أن أسباب ذلك تكمن في عاملين بارزين:
الأول: هو قدرة النظام الموريتاني على الاستجابة للمتطلبات الدولية في مجال الحقوق والحريات، وسن التشريعات اللازمة، واتخاذ القرارات الجريئة، والتعامل بانفتاح مع المجتمع الدولي، وبالتالي استطاعت الحكومة إقناع العالم بسياستها في هذا المجال، وتركت " إيرا" تغرد خارج السرب.
الثاني: هو الصراعات الداخلية التي تعصف بحركة " إيرا" وانشقاقها إلى جناحين، أو أكثر، حتى قبل أن يخرج زعيمها من السجن، وهو الصراع الذي أثبت للخارج، قبل الداخل أن حركة " إيرا" عبارة عن أشخاص يبحثون عن مصالحهم الشخصية، ويتاجرون بشريحة معينة، ويتمولون من آلامها، وعندما تباينت مصالحهم اقتتلوا فيما بينهم، مثل ما تفعل عصابات المخدرات، فراح السعد ولد لوليد يخون، ويشتم، ويفضح رفاقه بالأمس القريب، حتى وهم داخل السجون، في موقف لا ينم عن رجولة، ولا شهامة، في حين اتهم أنصار الجناح الآخر السعد ولد لوليد بالعمالة، والبحث عن مصلحة شخصية، وأطلقوا عليه " دكتور الفيافي" والوصف من عندهم، وبدل التركيز على المعركة مع النظام، بات زعماء " إيرا" منشغلين في نشر الوثائق، والأدلة التي تدين، وتفضح رفاقهم، والنظام يتفرج، وكأن العالم قرر التخلي عن هذه الحركة، بعد انكشاف أوراقها بشكل لا لبس فيه.