وزير المالية.. والمدح بما يـُشبه الذم !
يعتبر وزير المالية في أي بلد المسؤول الأول عن أموال الشعب، وثروته، والأمين على تسيير ميزانيته، لكن في موريتانيا يقع البعض في لبس خطير، وينطلق بعضنا من معطيات خاطئة، ويظن أن وزير المالية بإمكانه أن يعطي ما يشاء لمن يشاء، وكأن ميزانية الدولة ملك شخصي له، ويأخذ المغاضبون على وزير المالية المختار ولد اجاي عليه هذا المأخذ، فهم يريدونه أن يعطيهم عطاء من لا يملك، لمن لا يستحق، وهو يرفض ذلك.
فمن يعطي للشخص، أوالمؤسسات الأموال ليس وزير المالية، بل إن دوره ينحصر في تطبيق القوانين المعمول بها، ودفع كل حق لمستحقه، دون منة، ولا أذى، ولكن بنفس الحرص على منح الحقوق لأصحابها فإن وزير المالية حريص كذلك على أن لا تذهب أوقية واحدة من مال الشعب في غير وجهها المشروع، وهنا تكمن الصعوبة في الموازنة بين الأمرين.
فإذا رفض وزير المالية صرف مبالغ في أوجه غير مشروعة، أو مشبوهة يسمونه " مـُضيقا" على أرزاقهم، ومتشددا عليهم، وإذا حرص على اتباع الإجراءات، والمساطر القانونية، اللازمة، يسمونه "مـُماطلا" والواقع أن وزير المالية بمثابة الحارس لخزينة الشعب، يتعامل مع الوثائق، والقوانين، دون تعطيل، ولا تبذير، ويرجع بعض المراقبين سبب الغضب من وزير المالية ولد اجاي إلى سببين بارزين:
الأول: خبرة الواسعة بالقطاع، ومعرفته بخباياه، وهو ما سهل عليه وضع حد لأي تلاعب بأموال الشعب، والثاني عدم خضوعه للوبيات الموردين، وأصحاب النفوذ، والمصالح، إذ لم يستجب الوزير لإغراءاتهم، ولم يخضع لتهديداتهم، فلم يعد أمامهم سوى تشويه صورته في الإعلام.
والغريب أن البعض عندما يريد المبالغة في ذم وزير المالية، وشتمه يصفه بأنه رجل " مـُحصل" أي أن ولد اجاي قادم من إدارة الضرائب، وهو متخصص في تحصيل الأموال للخزينة، لكن لا أحد يصف الرجل بأنه "مـُبذر" أو متساهل في صرف المال العام، وهذا الوصف الذي يطلقونه على وزير المالية هو من باب ما يسميه البلاغيون " المدح بما يـُشبه الذم".