أزمة النقل الجامعي.. طلاب علم، وطلاب سياسة..
على مدى عقود من الزمن ظل طلاب موريتانيا يتزاحمون في جامعة واحدة يتيمة، لا تصلح بعض أقسامها لتكون مراكز اعتقال، أحرى أن تكون مكانا لتلقي العلم، وممارسة البحث العلمي، والأكاديمي، فكرت السلطات العمومية، وقدرت، وبدعم من دول، وهيئات مالية صديقة للشعب الموريتاني، قررت السلطات بناء مركب جامعي عصري، يستجيب للمعايير الدولية، واختير لهذا المركب الجامعي شمال انواكشوط، ليكون بعيدا عن الضوضاء، ويوفر جوا هادئا، يساعد على البحث، والتحصيل، والجميع يعلم أن المطارات، والجامعات في العالم لا تكون عادة في وسط المدينة.
السكن، والنقل الطلابيين موضوعان شائكان حتى في أرقى الجامعات العالمية، وينبغي للجميع التضامن مع طلابنا من أجل أن يحصلوا على نقل لائق، ومحترم، يناسب حجم الجامعة التي شـُيدت من أجلهم، ومن غير المنطقي، ولا المستساغ أن نقول إن السلطات شيدت هذا المركب الجامعي الراقي من أجل أن تعذب الطلاب، فمن الأكيد أن أزمة نقل الطلاب ستجد حلا في القريب العاجل، بعد تفكير السلطات في أفضل، وأنجع الحلول، والأكيد كذلك أن من حق الطلاب أن يحتجوا، وأن يضربوا، وأن يعتصموا، طالما بقي حراكهم سلميا، لكن المشكلة أن بعض الجهات تحاول استغلال الأزمة، و" ركوب" الطلاب، لتحقيق مكاسب سياسية قبل أن يتم حل الأزمة، في سباق مع الزمن، فربما تكون أزمة نقل الطلاب فرصة للبعض لإطلاق شرارة الثورة الموعودة في هذا البلد العصي على الثورات كما يبدو، رغم كل المحاولات لإشعالها.
من هنا بدأنا نشهد البعض يحرض الطلاب، ويدعوهم - تصريحا، أو تلميحا- إلى العنف، والاصطدام بالأمن، بل ويستجديهم من أجل ذلك، ولسان حاله يقول: أيها الطلاب الأعزاء.. لا تفوتوا علينا هذه الفرصة، احملوا حجارتكم، وعصيكم، وواجهوا الأمن بالقوة، وتسويق الحدث، وتضخيمه مهمتنا نحن.. ستنتهي أزمة نقل طلاب الجامعة بحل يرضي طلاب العلم، ويغضب، ويحبط طلاب السياسة.