ولد حدمين، وولد محمد لغظف .. والحرب الوهمية !
الرجلان يتحدثانعلى انفراد
عاد موضوع الخلاف بين الوزير الأول يحي ولد حدمين، وسلفه مولاي ولد محمد لغظف من جديد ليتصدر صفحات المواقع، والمفارقة أن الخلاف بين الرجلين لا وجود له إلا في أذهان البعض ممن يقتاتون على تغذيته، وإذكائه، والنفخ في نار هادئة، وكأن تلك الجهات تضمن مصالحها فقط بالحديث عن خلاف، وحرب باردة بين ولد محمد لغظف وولد حدمين.
إن معطيات الواقع، ومنطق السياسة، ومقتضيات المرحلة كلها تؤكد أن ولد حدمين، وولد محمد لغظف على قلب رجل واحد،على الأقل في موقفهما من دعم نظام ولد عبد العزيز، فقصة أن الرجلين ينحدران من ولاية واحدة ليست كافية للجزم بخلافهما، صحيح أن ولد محمد لغظف كان وزيرا أول لسبع سنوات، وكان ولد حدمين من أنشط وزرائه، وقطاعه (التجهيز والنقل) شكل أهم القطاعات الحكومية، لم يكن بين الرجلين حينها أي خلاف، ولا حتى سوء تفاهم، فما الذي استجد بعد تعيين ولد حدمين وزيرا أول؟؟ّ.
إن ثقة ولد عبد العزيز بوزيره الأول يحي ولد حدمين لم تأت من فراغ حتى ينتقدها البعض، ولم تكن صـُدفة، ولا مجازفة تعيينه على رأس الحكومة في المأمورية الثانية، فولد حدمين في الحقيقة يمتلك كل مقومات النجاح، وأثبت كفاءته في الميدانين السياسي، والوظيفي، يتمتع ولد حدمين بمكانة اجتماعية مرموقة، ويحظى بشعبية كبيرة في منطقته، والأهم من ذلك يمتلك خبرة طويلة، وتجربة ثرية، وسيرة مهنية مـُشرفة طوال عقود من عمله في أكبر شركة وطنية، ووزيرا للتجهيز والنقل.
يجمع العارفين بشخصية الوزير الأول ولدحدمين أن الرجل لا تغريه المناصب، ولا يمتلك هوسا بجمع المال وتكديسه، كما أنه يفضل الفعل على القول، لا يجزل العطايا لمن يمدحه، ولا يأخذ على أحد أن ينتقده، وهذه ميزات قد لا تعجب البعض، بل ويراها سلبية.
إن من يتابع مجريات الساحة السياسية في البلد يلاحظ بوضوح أن ثقـة ولد عبد العزيز بولد حدمين تعززت بعد سنة من أدائه على رأس الحكومة، والمؤشرات على ذلك عديدة، لعلها أهما إسناد ملف الحوار السياسي لولد حدمين، بعد سحبه عمليا من الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، ليصبح ولد حدمين بذلك يمسك بزمام الملفات الحاسمة، والهامة في البلد، سواء الإدارية، أو السياسية، لكن الإشكال أن البعض يصر دائما على اعتبار أن أي إنجاز يحققه ولد حدمين يـُخصم من رصيد ولد محمد لغظف، والعكس صحيح، وهذه قاعدة مـُختلة، وخاطئة بالمرة، الأمر بكل بساطة أن ولد حدمين كان وزيرا في حكومة ولد محمد لغظف، واليوم بات وزيرا أول، وولد محمد لغظف مجرد وزير في الحكومة، وهو واقع يبدو عصيا على ذاكرة البعض.
إن إصرار البعض على جعل ولد محمد لغظف حاضرا في المشهد بقوة، رغم إقالته من الحكومة هو أمر غريب على الفعل السياسي الموريتاني، فلم يحدث سابقا أن وزيرا أول أقيل من منصبه، وبقي وزيرا أول في أذهان البعض، فلو كان التباكي على الأطلال، وذرف دموع التماسيح يعيد أحدا لمنصبه لعاد سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى عرشه، فينبغي أن يوضع حد لهذا السجال العقيم، الذي لا يؤدي إلا إلى التشويش على أداء الحكومة، وزرع بذور الخلاف بين أعضائها، فالاصطياد في المياه العكرة مهنة لم تعد تـُدر ربحا على ممتهنيها.
سعدبوه ولد الشيخ محمد