مساع حثيثة لمنع الشيخ الددو من استقبال الرئيس في " أم القرى"
إلى حضرة الشيخ.. إنهم يغتالونك معنويا
ليس مكان النصح منكم بالأمر الهين، وقد ينتهي العمر دون أن تعرفوني. أنا نكرة في غمار الناس أضاعته مدارس حكام السوء، وضيعته سنون الغربة عن الدين. تربيت بعيدا عن النهج القويم، وسامتني أعوام الضلالة خسفها، وترنحت في المهاوي.
كنت يا حضرة الشيخ ضمن ثلة من شباب الأمة تخطفتهم المناهج التربوية التي صيغت على أعين الغرب، وبأيدي سدنة مشروعه.
لقد عشت ردحا من حياتي وأنا أرى الدين أفيونا، والتدين تخلفا، وكان ما صلح به أول هذه الأمة شيء لن به آخرها. فلو متُّ على هذه الحال لحسبتني من أهل النار.
كان ذلك اللقاء بداية الألفية الحالية لحظة لن أنساها، عبرت بي صراطا بين الجنة والنار، أحسبه كذلك. سمعت منكم أحاديث وكلمات شعرت باحتراقها بين جوانحي، تشع صدقا. كان حديثكم المسترسل عن الجنة والنار، وعن أخلاق الصالحين في الدنيا، وكانت تلاوتكم القرآنية التي تتخذ لها من الصدور آذانا.
سيدي ومولاي، أتعتقدون يا صاحب المقام الرفيع، أني أقص عليكم حكاية واحد من ملايين شباب الأمة؟ لا سيدي، بل هي قصة كل من عرفكم من شباب الأمة. حضرتكم تتحدثون في باريس، وفي جدة، والرياض، والقاهرة ونواكشوط، وكنت كل مرة أجد فيكم الهدي الرباني، وسمت سلف الأمة، حتى لقد كانت النظرة الواحدة إليكم خيرا عندي من كلما أعرف من ملذات الدنيا. إن لها طعم الإيمان.
سيدي لقد حباكم الله مقاما في قلوب الناس لا أظنه حبا به أحدا بعد جيل الصديقين، وذوي السابقة الكبرى. هذا باب لا أستطيع أن أسده، ولا أن أصل منه إلى نهاية طريق.
إنني أكتب إليكم سيدي في شأن المؤامرة التي حيكت ضدكم، وأرجو من مقامكم السامي الالتفات إلى كلامي الذي لو استطعت إيصاله بغير هذه الطريق لتنكبتها.
سيدي لقد اجتمعوا ثلاثتهم في سيارة أحدهم، يفكرون كيف ينفذون قرار اغتيالكم الذي بات التوجه الأسمى عند سيدهم، وبعد أن استبعدوا فرضيات الاغتيال المادي والتصفيات الجسدية، تفتقت عبقرية أحد أكابرهم عن هذه الحيلة الخبيثة؛ الاغتيال المعنوي وضرب المصداقية. لعلكم تلاحظون أنه منذ محاضرتكم سنة 2011 عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صار ثابتا ترصد أي كلام يصدر منكم، وإلقاء سيل التهكمات، والتشويش والرد ممن لا يحمل من العلم قطميرا. كانت ضربة الشقي لإزالة الهيبة من النفوس، ومهندسوها هم نفس مهندسي الردود على فتوى الساعة، وهستيريا الإساءات التي أعقبت ظهروكم في إحدى المناسبات الاجتماعية.
إنه لا مدخل إلى الإساءة إليكم أسلس طريقا ولا أوسع بابا من كريم خلقكم، وسعة أفقكم، فمن رامه رام سهلا ممتنعا، وما هو على الظالمين بممتنع! إنهم يريدون أن تظهروا في استقبال الجنرال في أم القرى وهم يعلمون أنكم نصحتم من حاول الجنرال ابتزازهم بعدم الرضوخ له، وعملوا بنصيحتكم.إنهم يريدون أن يكون فعلكم سابقة تضرب في مصداقية التيار الذي تظلونه بظلال هيبتكم ومصداقيتكم، فلا يستطيع أن ينكر على مستقبل منكر فعله، ولا يزري على مصفق بقول. إنهم يريدون أن يكون موقفكم إشارة إلى تفلت تماسك من يقفون في وجه الطغيان والظلم، وازدواجية في مواقفهم، لا يغني بعدها من وقف يحدث الناس عن ظلمهم، وقد صافحتهم راحتكم الميمونة، وربما عانقتموهم قبل أيام.سيدي ومولاي، إن لقاءكم، الذي أرجو ألا يحصل بهذا الرجل، لا يخلو من واحد من احتمالين؛ فهو إما أن يعاملكم بما أنتم له أهل، فينظر الناس إليه يكرمكم فيرفعوا مقامه بناء على ما رأوا منه من إكرامكم، مع ما تعلمون من حقيقته، مما يخالف مقتضى الإكرام.
وإما أن يعاملكم بمقتضى رأيه فيكم، الذي تعلمون حقيقته، وبما هو أهل له، وهو ما لا يسر مسلما أن يراه... وفي كلتا الحالين نحن من يتأذى، ومن يسوؤه ألا يرى إلا فوق الرؤوس مقامكم.
سيدي ومولاي، لو تصفحتم الوجوه التي ترد حياض كرمكم الآن مهللة لهذا اللقاء المرتقب فلن تجدوا فيها ناصحا واعيا أمينا، ولا خلا غير ظنين في مودة. إنهم إما قريب لا يعي ما يفعل، أو محب خاضع لضغوط واقعه القريب، أو صاحب مأرب يبيع حظه منكم بنصيبب من الدنيا قليل. إنكم حين تستقبلون الرجل تستقبله معكم قلوب الملايين من محبيكم، وحين تصافحونه تعانقه أرواح المؤمنين في كل قطر، وحين تكلمونه تتزل عليه محبة الناس لكم، فنسألكم بحق الأمة عليكم ألا تلبسوا ثوب مجد من لا يستحق مجرد إِعراضكم.سيدي وملاي، لقد انسلخ من نعمة الصلة بكم، وردها على الله فأتبعه شيطانه، يلهمه حيل الغض من مقامكم، وهيهات.! هذه الزيارات أحد مناكر الحكام اليوم، ومن لم ينكرها فلن يسمع منه الناس إنكار غيرها.. إننا لن نشك في صدقكم، وترككم الدنيا لمن يريدها، ولن نشك في وقوفكم مع الحق، وفي مساغ ما تفعلون، لكن الناس ينظرون إلى أفعالكم، وأنتم منهم اليوم بمنزلة الإمام أحمد، وميراث أبي عبد الله يقين شباب الأمة.أسأل الله لكم التوفيق وألتمس منكم صالح الدعاء.
عبد الله ولد محمذن محمودا
الأخبار
