الفتور، وضعف الإقبال يعصف بحملة الاستفتاء في يومها الثاني، والسبب..
دخلت موريتانيا يومها الثاني من الحملات الانتخابية الدعائية للاستفتاء الشعبي المرتقب في الخامس من الشهر المقبل، غير أن المتجول في مقاطعات انواكشوط، وكبريات المدن في الداخل لا يلاحظ ما يشي بوجود حملة انتخابية كتلك التي عهدها الناس في السابق، فمظاهر الحملة المعروفة، من خيام مضروبة في الساحات والشوارع، وأماس سياسية، وسهرات، ومكبرات الصوت التي تصدح في كل شارع، والتجمعات الانتخابية، كلها مظاهر غائبة عن حملة الدستور في يومها الثاني على الأقل.
كما أن تعاطي وسائل الإعلام مع هذه الحملة كان باهتا حتى الآن، باستثناء الإعلام الرسمي، فالقنوات التلفزيونية الخاصة، والمواقع الإلكترونية – على تنوعها- لم تخصص لهذه الحملة ما تستحق من مساحات، ونقاشات، ومواد، حتى إن القنوات التلفزيونية الخاصة - -باستثناء شنقيط- امتنعت عن بث حفل افتتاح الحملة الذي ترأسه رئيس الجمهورية من ملعب ملح، رغم أن قناة الموريتانية أعطت كل القنوات حق بثه مجانا، أما المواقع الإلكترونية- وهي التي باتت تصنع الرأي العام، وتوجهه- فتراوح تعاطيها مع حملة الدستور حتى الآن بين التجاهل التام، أو نشر أخبار سلبية في المجمل، أو الاكتفاء بنشر خبر افتتاح الحملة فقط، دون دعاية، أو تغطية مستفيضة للحدث.
ورغم الأهمية الكبيرة التي يوليها النظام لإنجاح الحملة في إقناع الشعب بالتصويت بنعم لصالح التعديلات الدستورية، إلا أن المراقبين يعزون ضعف التعاطي مع الحملة إلى انعدام التمويل، فالموريتانيون اعتادوا على أن يعيشوا المواسم الانتخابية بشكل مختلف تماما عن هذه الحملة، فالحملات في العادة موسم سياسي، واقتصادي، تنتعش فيه جيوب السياسيين، ويرتفع الإقبال على كراء الخيم، والسيارات، ومستلزمات الدعاية، كما تخصص ميزانيات في العادة لوسائل الإعلام، باعتبارها الضامن لنقل وجهة النظر الرسمية لعموم الشعب في الداخل، والخارج، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
مصادر في أحزاب الأغلبية، والمعارضة المشاركة في الحوار أبدت في تصريحات ل(الوسط) امتعاضها من إحجام النظام عن تمويل الحملة، وأكدت هذه الأحزاب أنها غير قادرة على الإنفاق على حملة انتخابية، وهي أحزاب لا تمتلك أي مصادر للتمويل، خاصة وأن معظمها غير ممثل في البرلمان، ورؤساء تلك الأحزاب لا يملكون من المال ما يمكنهم من التنقل خارج العاصمة، والتواصل مع قواعدهم الشعبية في الداخل، ورغم أن السلطات دفعت بعض المساعدات لأحزاب الأغلبية، إلا أن تلك المساعدة وصفت بالهزيلة جدا، بينما لم يتلق الحزب الحاكم، الاتحاد من أجل الجمهورية أي تمويل للحملة حتى يومها الثاني على الأقل.
ويرى المراقبون أن إنجاح استفتاء شعبي لتعديل الدستور في ظل مقاطعة أطياف فاعلة من المعارضة، تنشط بقوة في حملة المقاطعة، وتبدو أكثر إنفاقا عليها من النظام حتى الآن، بدليل أن مهرجانات المعارضة في النعمه، ولعيون، وكيفه، وتجكجه، وانواذيبو ضد الاستفتاء وجدت مساحة في الإعلام أكثر من مهرجانات النظام لافتتاح الحملة في الداخل، وكذلك صعوبة الظرف الزماني، في نهاية موسم الصيف، وفترة العطلة المدرسية، كلها عوامل قاهرة، تجعل من إنجاح حملة الاستفتاء هدفا يتطلب أكثر من مجرد إجبار موظفي الدولة على المشاركة في هذه الحملة، فالعصى وحدها لا تجدي، وهؤلاء تعودوا من الدولة في مواسم الانتخابات سياسة العصى، والجزرة، ولا يمكن إنجاح أي استحقاق انتخابي، وتحقيق نتائج في مصلحة النظام دون تمويل الأنشطة الانتخابية، خاصة وأن الحملة في حد ذاتها مكلفة، والسياسة لعبة لا تعرف مصطلح المجان، أو الهدية، أما الحديث عن القناعات فذك حديث فيه ما يقال، وما تجربة الشيوخ عنا ببعيد، وهذه هي الحقيقة التي يقابلك بها الجميع، لكن الجميع يخاف من الإفصاح عنها، وإن كان وزير الصيد والاقتصاد البحري، منسق حملة الحوض الشرقي قالها صراحة لمن التقاهم في النعمه: " عزيز لم يعطني شيئا كي أعطيه لكم.. ليس لدينا سوى حوت عزيز، وأعلم أنكم لا تحبونه، من أراد أن يصوت ابتغاء وجه الله، والوطن فليصوت بنعم، وإلا فليس لدي ما أقدمه لكم".
