ما الذي تريده المعارضة،بعد أن قال الشعب كلمته؟!

إن من أهم المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية- بل لا تقوم إلا عليها-، مبدأي: فصل السلطات، والاعتراف بالهزيمة وتهنئة الفائز، وبدون هذين المبدأين لا يمكن أن يحتكم الجميع لإرادة الشعب، طالما أن البعض يتعامل بمنطق.. إذا فاز حزبي، فالانتخابات شفافة والشعب قال كلمته، وإذا فاز منافسي، فالانتخابات مزورة تجب إعادتها!! إن أي حزب سياسي أو شخصية تدخل الانتخابات بمنطق المنتصر سلفا بغض النظر عن نتيجة الاقتراع، ستصاب بالإحباط والصدمة عندما تبوح صناديق الاقتراع بسرها، ويتبين أن الشعب لم يمنح ثقته لهذا الحزب أو ذلك المرشح.

إنه لمن المثير للاشمئزاز حقا أن نرى أحزابا كانت بالأمس القريب تطالب رئيس الجمهورية والحكومة بالنأي عن الانتخابات، وعدم التدخل فيها، وهي - أي تلك الأحزاب- تطالب اليوم رئيس الجمهورية "بالتدخل لتغيير نتائج الانتخابات أو إلغائها"، فكيف تحول تدخل الرئيس بين عشية وضحاها من فعل مستنكر مرفوض، إلى مطلب شرعي وملح؟!.

ثم مالنا نرى رجالا كنا نعدهم من الأخيار يقفون اليوم مهددين باستخدام السلاح وإراقة الدماء لمنع تنصيب منتخب حصل على أغلبية المصوتين حسب النتائج الرسمية؟؟!، وإذا افترضنا جدلا حصول عمليات تزوير، وافترضنا أكثر من ذلك تورط جهات رسمية في التزوير، فهل يتم تصحيح ذلك بالتهديد باستخدام السلاح لانتزاع الحقوق- لو افترضنا أنها حقوق-، واستعمال منطق القبيلة الذي يعيدنا إلى عصر ما قبل الدولة؟؟!.

ثم، هل يدرك الأشخاص الذين لم يحصلوا على ثقة الناخبين أن إعادة الانتخابات ليست مسألة يمكن اتخاذها بجرة قلم، أو ترضية لحزب هنا أو شخصية هناك، فهذا قرار وطني كبير، تترتب عليه تداعيات مالية، وأمنية، وسياسية، وقانونية كبيرة، ثم ماذا لو أُعيدت الانتخابات، وحصل المعترضون اليوم على نتائج أقل من نتائجهم الآن، هل سيطالبون بانتخاتبات ثالثة ورابعة وخامسة، حتى يتحصلوا على نتيجة ترضيهم؟؟؟!!.

قد يقول قائل - وقد نوافقه- أن معظم البلدان الإفريقية تزور فيها الانتخابات، لكن ما هو صحيح كذلك، أن المعارضة في الدول الإفريقية لديها لازمة ترددها دُبر كل انتخابات لم تحصل فيها على نتائج ترضيها، وهي  مقولة التزوير وعدم الاعتراف بالنتيجة، فالتزوير دائما شماعة جاهزة يعلق عليها البعض فشله في الحصول على أصوات الشعب، وبدل أن تنصرف المعارضة وبعض أحزاب الأغلبية إلى دراسة أسباب انتكاستها، والعمل على التغلب عليها، والتحضير من الآن للاستحقاقات القادمة - كما تفعل الأحزاب في كل الدول-، بدل ذلك، نراهم ينكبون على محاولة تشويه صورة بلدهم بتصويره كبلد فاشل، تزور فيه الانتخابات، ويحضرون لخلق أزمة سياسية وتوتير الأجواء السياسية، بعد سنوات من التطبيع السياسي، وكانوا أكبر المستفيدين منه.

وما يثير الشفقة والسخرية أكثر، محاولة البعض الاستنجاد بالسفارات الأجنبية في انواكشوط، لتساعده في تغيير نتائج الانتخابات، ناسيا أو متناسيا أن السفارات تمثل بلدانا تبحث عن مصالحها في المقام الأول، ولا يهمها أدخل فلان البرلمان أم خرج علان، لذلك سيكون على المعارضة اليوم أن تعيد حساباتها وتتجاوز صدمة وعقدة الهزيمة الانتخابية التي لها مبرراتها الموضوعية، وتغلب مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية حتى لا نقول الحزبية الضيقة، وتتأكد أنه لا أحد مستعد لتعريض أمنه وأمن بلده واستقراره للخطر من أجل تحقيق مكسب شخصي لرجال أكلوا أخصر الديمقراطية، ويابس العسكرية، ومردوا على التكسب على حساب هذا الشعب المسكين، دون أن يقدموا له أي نتيجة.

 الأستاذ: سعدبوه الشخ محمد.

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT