السيد الرئيس.. أنت تبني، وغيرك يهدم !

الصورة من الحملة الرئاسية الماضية في كيفهالصورة من الحملة الرئاسية الماضية في كيفه

يكاد معظم معارضي رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز يعترفون له - فضلا عن أنصاره- بإنجازه مشاريع وطنية كبرى، ستبقى ملكا للشعب الموريتاني، ولا تمكن المزايدة على أهميتها، وقيمتها للبلد، ليس أقلها شأنا تنظيم وضبط الحالة المدنية بطريقة لم تكم مـُتصورة من قبل، وتشييد مطار انواكشوط الدولي -أم التونسي-، وتخطيط الأحياء العشوائة "الكزره"، وتطوير، وتحديث الجيش الوطني، وأجهزة الأمن، وتطبيق مقاربة أمنية ناجعة في وجه الإرهاب، والجريمة، هذا فضلا عن إنجازات على مستوى السياسة الخارجية، وتكريس حضور موريتانيا في المحافل الإقليمية، والدولية، واستضافة انواكشوط قمة عربية للمرة الأولى منذ الاستقلال، واختيار انواكشوط كذلك لتستضيف القمة الإفريقية بعد أشهر.

ويعزوا المراقبون نجاح ولد عبد العزيز في تحقيق هذه الإنجازات خلال أقل من عشر سنوات إلى صرامة الرجل في تنفيذ سياساته، وإشرافه المباشر على المشاريع الكبرى، وحرصه على عدم تضييع الوقت، والمال في الدراسات النظرية، وإذا كانت جميع هذه الإنجازات الوطنية قد تمت خلال المأمورية الأولى لولد عبد العزيز، إلا أن إرادة الرجل كانت واضحة في إضافة المزيد من الإنجازات، لكن طاقمه الحكومي لم يسعفه في ذلك، وانشغلت حكومة المـأمورية الثانية بإشعال الخلافات بين أنصار الرئيس، وجر النظام إلى معارك جانبية ضيقة، وبدل تثمين الإنجازات السابقة، وإضافة المزيد منها، اهتمت حكومة المأمورية الثانية بتشويه السابق، وتعطيل اللاحق، ولعل برنامج أمل أفضل مثال على ذلك، حيث تحول من أكبر تدخل تقوم به الدولة لصالح الفقراء منذ الاستقلال، إلى أداة في يد رئيس الحكومة لاسترضاء أنصاره، وحرمان خصومه، وسلاحا فعالا بيده يستخدمه في تصفية حساباته السياسية الضيقة مع الجميع.

لم تكن الأغلبية الداعمة للرئيس ولد عبد العزيز يوما على درجة من التشرذم، والشقاق أكثر مما هي عليه اليوم، والمفارقة أن ولد عبد العزيز لم يكن يوما بحاجة لانسجام أغلبية، وتوحيد جهودها أكثر من اليوم، وهو مقبل على استحقاقات انتخابية مصيرية له كرئيس، وللبلد بشكل عام، ومع سعي الرئيس ولد عبد العزيز لوضع بصمة خالدة، تكون ختام مسك لفترتين رئاسيتين توشكان على الانتهاء.

وإذا كان هناك إنجاز يحسب لحكومة المأمورية الثانية فهو حصد الأعداء للنظام، وزيادة المعارضين له، وزرع بذور الخلاف بين أنصاره، حتى وصل التنافر مجلس الوزراء، وباتت الحكومة مقسمة إلى أكثر من اتجاه، وأكثر من مركز نفوذ، ويتساءل البعض لماذا لا يقيل الرئيس ولد عبد العزيز حكومته، ويبحث عن مدرب أفضل، أو يستبدل الفريق، والمدرب معا ..؟؟؟!، لكن من يطرحون هذا السؤال يتجاهلون حقيقة أن الاحتفاظ بموظف معين في منصبه لا يعني بالضرورة الثقة في أدائه، تماما كما أن إقالة أي موظف لا تكون دائما دليلا على فشله، بل قد يتم تكليفه بمنصب أرفع، وأهم، لذلك فالحكومة الحالية أشعلت العديد من الحرائق في جسم النظام، ومهمة الرئيس ولد عبد العزيز تبدو كمهمة رجل الإطفاء الذي يهتم أولا بإطفاء النيران، قبل البحث عن سبب الحريق، ولعل قرار الرئيس ولد عبد العزيز ترميم حزبه - الاتحاد من أجل الجمهورية-، وتطوير هياكله، وجعله منصة تستقطب جميع أنصار النظام، تشكل الخطوة الأولى نحو إطفاء حرائق الأغلبية، قبل التفرغ للحكومة، والتي لا يحتاج إصلاحها أكثر من جرة قلم من القصر الرمادي، والأكيد أن طابور الكفاءات الوطنية المخلصة للرئيس، والوطن طويل، والخيارات متاحة أمام الرئيس ولد عبد العزيز لإصلاح ما يمكن إصلاحه.

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT