ولد عبد العزيز خلال إدلائه بصوته قبل قليل
على الرغم من أن انتخابات الرئاسة المقبلة في موريتانيا لا تزال بعيدة نسبيا، والحديث عنها اليوم قد يكون سابقا لأوانه، إلا أن الأسئلة بدأت تطرح من الآن، بالنظر لحساسية المرحلة، وانطلاق الجميع من فرضية باتت مـُسلمة وهي عدم ترشح الرئيس محمد ولد عبد العزيز لمأمورية جديدة، ما يعني أنه بعد أقل من 30 شهرا من الآن ستكون موريتانيا برئيس جديد، فمن هو ذلك الرئيس يا ترى..؟ وما الذي سيحسم تلك الانتخابات الموعودة، أهي إنجازات الرئيس محمد ولد عبد العزيز الكبيرة، أم أموال ولد بوعماتو الكثيرة..؟؟.
لا شك أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أنجز الكثير لموريتانيا، حتى بشهادة بعض المنصفين من معارضيه، رغم الانتقادات التي توجه لسياسته في بعض جوانبها، فولد عبد العزيز غير وجه موريتانيا إلى الأفضل، ونتوقف هنا عند نماذج قليلة من أهم إنجازاته، إنهاء مأساة الأحياء العشوائية المزمنة في العاصمتين (انواكشوط، وانواذيبو) بطريقة لا يختلف اثنان على جدوائيتها، فضلا عن تشييد مطار أم التونسي الدولي، وإبعاد أزيز الطائرات عن سكان العاصمة.
وكذلك ضبط، وتنظيم الحالة المدنية بطريقة لا تتوفر عليها معظم الدول الإفريقية، خاصة المجاورة لموريتانيا، ولأول مرة بات الشعب الموريتاني لديه حالة مدنية غير قابلة للتزوير والتلاعب، رغم ما يقال عن صعوبة الحصول على هذه الوثائق المدنية نتيجة للتدقيق الشديد.
هذا فضلا عن إنجاز آلاف الكيلومترات من الطرق في الداخل، وبناء جامعات في لعيون، وشمال انواكشوط، ولعل الأهم من كل ذلك أن ولد عبد العزيز أسس منظومة قانونية، وإدارية تجعل موريتانيا تسير على السكة الصحيحة، سياسيا، واقتصاديا، وتنمويا، واجتماعيا.
وعلى المستوى الدبلوماسي، سيظل التاريخ، والذاكرة الجمعية للشعب الموريتاني تحفظ للرجل طرده لسفير الكيان الصهيوني من انواكشوط، وترؤس موريتانيا للجامعة العربية، وتنظيمها لأول قمة عربية منذ استقلالها، وترؤسها للاتحاد الإفريقي، فضلا عن دور ولد عبد العزيز في حل العديد من أزمات القارة المستعصية، وإثبات مكانة موريتانيا في المنتظمين الإفريقي، والأممي.
ورغم كل هذه الإنجازات الملموسة، وتوفر ولد عبد العزيز على حكومة قوية، يرأسها أحد أكثر رجالاته وفاء، وكفاءة، ونزاهة، إلا أن البعض يرى أن هذا الواقع قد لا يمكن ولد عبد العزيز من ضمان استمرار موريتانيا على هذا النهج، عبر إنجاح مرشح يحظى بدعمه، وذلك بسبب الدور السلبي الذي قد يلعبه الملياردير الكتوم محمد ولد بوعماتو، الذي آلا على نفسه ألا يدخل موريتانيا ما دام ولد عبد العزيز رئيسا لها، فهذا الرجل الماكر قد يمارس ما يسمى بـ"السحت السياسي" للالتفاف على إنجازات ولد عبد العزيز، ويضخ المليارات في العملية الانتخابية، في عملية إغراء، وشراء للذمم، ومعلوم أن المال السياسي له تأثيره البالغ على نتائج الانتخابات حتى في أعرق الديمقراطيات، فما بالك بموريتانيا التي ينظر الكثير من سياسييها إلى السياسة، والانتخابات تحديدا باعتبارها مزادا علنيا، يكون الولاء فيه لمن يدفع أكثر.
وسيكون هذا السيناريو أكثر احتمالية عندما يتحالف ولد بوعماتو مع بعض القوى السياسية المعارضة، التي لها وزنها الشعبي، ولديها القدرة على الحشد، والتعبئة، والتي قد ترى في ولد بوعماتو "المخلص" لها من نظام أعياها التخلص منه بكل الطرق، والأكيد أن العلاقة بين المليونير ولد بوعماتو، ونظام ولد عبد العزيز وصلت نقطة ألا عودة، وأن ولد بوعماتو لن يقف متفرجا، بل سيسعى ليكون رقما صعبا في المشهد السياسي الجديد، ليبقى السؤال مطروحا بإلحاح.. من سينتصر، إنجازات ولد عبد العزيز، أم أموال ولد بو عماتو ؟؟.
موقع الوسط.