الوسط/ .. تبدو الساحة السياسية في موريتانيا مقبلة على نزال سياسي صعب، سيشكل اختبارا للإرادات، وكشفا للحسابات، وفرزا للمواقف، نزال عنوانه الدستور، حيث تراهن بعض القوى المعارضة، على رأسها المنتدى على حراك جماهيري، خاصة في انواكشوط ضد تعديل الدستور، ستتوجه مسيرة المنتدى يوم 11 الشهر المقبل، وحراك شبابي في شكل وقفات احتجاجية أمام الجمعية الوطنية، وحرب دعائية محمومة على صفحات فيسبوك، وبعض المواقع الإلكترونية المحسوبة على المعارضة – على قلتها- وبين هذ وذاك اتصالات تجريها المعارضة المقاطعة للحوار مع سفراء، ودبلوماسيين مقيمين في انواكشوط، أو زائرين له.
ويبدو المنتدى واثقا من إرباك حسابات النظام، وإفشال التعديلات الدستورية، لكن المراقبين يرون أن مهمة المنتدى هذه لن تكون سهلة، وقد لا يكون إسقاط التعديلات الدستورية أسهل على المعارضة من إسقاط ولد عبد العزيز، الذي صمد في وجه كل الهزات، وخرج من كل أزمة أقوى، وأكثر خبرة في التعامل مع معارضة تحتضن أسباب فنائها، ويفرقها أكثر مما يجمعها، ولعل أقوى ضربة وجهها الرئيس ولد عبد العزيز للمنتدى هي قراره، وإقراره بعدم الترشح لمأمورية ثالثة، حيث سقطت هذه الورقة، التي روج المنتدى لها كثيرا، بل واعتبر أن الهدف من تعديل الدستور هو التمديد للرئيس.
تبدو النتيجة محسومة لصالح النظام من الناحية النظرية على الأقل، فهو يحظى بأغلبية مريحة داخل البرلمان، بل وداخل الشعب كما يقول أنصاره، ولعل قوة النظام الأساسية تكمن في ضعف معارضيه، فالمنتدى فشل في تنظيم مهرجان مشترك في انواذيبو كثر الحديث عنه، ولم يحصل، وحتى المؤتمر الصحفي الأخير للمنتدى تغيب عنه رئيس حزب تواصل جميل منصور، وتغيب رئيس المنتدى نفسه الشيخ سيدا حمد باب مين، وتقول مصادر مقربة من المنتدى إن استراتيجيته لمواجهة تعديل الدستور ليست محل إجماع بين مكوناته، ومع ذلك فإن أي قراءة موضوعية للخريطة السياسية، وتقدير محايد لموازين القوى تؤكد أن حسابات النظام في معركة الدستور قد لا تكون دقيقة بالمرة، لكن رهانات المنتدى ليست مضمونة هي الأخرى، ذلك لأن من بين صفوف الأغلبية من لا يتحمس لتعديل الدستور، وإلغاء مجلس الشيوخ، وإن أسرها في نفسه، ولم يبدها لهم، وفي المقابل من بين صفوف المنتدى من لا يرى في نتائج الحوار الأخير شرا مستطيرا، بل يجاهر بإمكانية التعامل مع بعضها، وإن تكتم على موقفه في انتظار اللحظة المناسبة لإعلانه.