كانت تلك العملية محكمة الإعداد، دقيقة التنفيذ، وذات وقع غيّر ـ جذريا ـ مسار الإسترايجية الإستعمارية للغزاة الفرنسيين؛ حيث اضطرت القوة الإستعمارية إلى استقدام واحد من أشرس ضباطها وأكثرهم عداء للإسلام والمسلمين.. إنه العقيد غورو صاحب المقولة الشهير يوم وقف على قبر الفاتح العظيم صلاح الدين الأيوبي: "ها قد عدنا يا صلاح الدين"؛ للتكفل بأمر "هؤلاء البداة المتوحسين"، حسب عريفات مختلف قادة الوحدات الإستعمارية الذين عملوا على هذه الأرض في مذكراتهم..

وإذا ما صرفنا النظر (جدلا أيضا) عن المواجهات المسلحة المباشرة بين قوات الاحتلال الفرنسي ومجنديه من الأفارقة ومن الموريتانيين؛ من جهة، وبين مقاتلي الإمارات المحلية من جهة أخرى؛ رغم أن تلك المعارك والملاحم وقعت كرا وفرا؛ أي خلال هجمات قادها أمراء من أمثال الشهيد بكار ولد اسويد أحمد، والشهيد سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده، والأمير أحمد ولد الديد؛ ضد مواقع الغزاة الفرنسيين؛ أو في مواقع دفاعية أثناء تعرضهم لهجمات الفرنسييين... فإن موقعة تجكجه التاريخية ـ وحدها ـ تكفي دليلا قاطعا على أن أهل هذه البلاد قاوموا الإحتلال وبذلوا أرواحهم واسترخصوها في سبيل تطهير أرضهم من دنسه..

إن مقتل قائد ومنظر التوغل الإستعماري في عقر قلعته وحصنه المنيع على أيدي جماعة قليلة من الوطنيين الشرفاء المفعمين بروح الجهاد والتضحية؛ يجب أن يظل وسام شرف يطوق صدور كل الموريتانيين، وتاجا على رؤوس كل أجيالهم...!

ألا يكفينا شرفا واعتزازا أن التاريخ يحفظ لأجدادنا شرف القضاء على كزافييه كبولاني؛ صاحب أكبر وأخطر مشروع غزو استعماري في تاريخ إفريقيا والعالم الإسلامي،؟

من صفحة سالك عبد الله مختار