تستحقون أكثر..أيها "الحمير" (تدوينة)

قبة تحمي حمارين من الناموس.. أغلب الظن أن الصورة التقطت من إحدى مناطق الضفة، حيث يكثر "العظ" في فصل الخريف..

 

الحمار في موريتانيا يستحق عناية أكبر، وذلك للدور المهم الذي يقوم به في خدمة المواطنين، وسهره على مصالحهم، واسألوا إن شئتم سكان الأحياء الشعبية في نواكشوط، وأصحاب "اباتيك السقط" والتيفاية ، وغيرهم، هو وقود الحياة بالنسبة لأكثر من ثلث سكان العاصمة، ولا ينكر دوره في خدمة السكان إلا مكابر، لكنه دائما مظلوم، ويتعرض للاضطهاد على أيدي الأطفال، وحتى الكبار، وخذوا إن شئتم جولة قصيرة في "شارع الرزق"، هناك يتعرض الحمار لكل أنواع الظلم، ومع ذلك لا تسمع له حسا، فهو لا ينهق في أوقات العمل، بل يبقى مجتهدا ومركزا في عمله، يأكل من علافته، ويتنهد إن شعر بالتعب.

لم يتعرض الحمار، طوال تاريخه، لظلم أشد مما يتعرض له الآن من العرب المعاصرين، وذلك لأنهم يصفون الفاشلين والبلداء من أبنائهم بأنهم "حمير"، وتلك لعمري مسبة الدهر (بالنسبة للحمار طبعا)، ولكن عزاء الحمار أنه لم يقارن بالحكام العرب..

الحمار ليس غبيا، ولقد أنصفه العرب الأوائل عندما كانوا يضربون به المثل في الصبر.، وأنصفه الحزب الديموقراطي الأمريكي عندما جعله شعارا له، بينما اختار الجمهوريون الفيل شعارا لهم، الأول رمز الصبر والثاني عنوان القوة..وفي موريتانيا اتخذت كل الأحزاب من أنواع الحيوانات شعارات لها، إلا الحمار ..أي ظلم هذا ؟ الغزال والجمل والبقرة والناقة والفصيل كلها شعارات لأحزاب سياسية عندنا، لكن الحمار ليس شعارا لأي حزب، مع أنه أكثر تأثيرا من كل "الحيوانات"..بل إن المغالين في اضطهاد الحمير ذهبوا أبعد من ذلك عندما قالوا إن سيأبى دخول الجنة..والسبب هو "اشاشره ولعليات"..

مروان بن محمد ، آخر خلفاء بني أمية يلقب بـ"الحمار"، ليس لأنه كان غبيا، بل لجلده وصبره في الحرب ، وقوته على أعدائه.

بعض الناس يقولون في ألغازهم : ما هو الشيئ الذي خلقه الله عز وجل واستنكره ؟ ويجيبون بأنه صوت الحمار ، مستدلين على ذلك بالآية الكريمة : "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"..الآية، والحقيقة أن هذا من كلام لقمان الحكيم، كما يفهم من السياق..

عندما احتل الفرس اليمن وحاربهم سيف بن ذي يزن، أرسل كسرى جيشا بقيادة أحد مرازبته، ولما تقابل الجيشان كان قائد الفرس يركب فيلا في البداية، ثم تحول عنه إلى فرس، ثم تحول عن الفرس إلى حمار..فقال سيف بن ذي يزن: الآن نهزمهم..لقد انتقل من أعلى إلى أسفل.. بن ذي يزن لم يكن حتما يقصد إهانة الحمار، إنما كان يخشى الفيل فقط.

تذكر إحدى أساطيرنا الشعبية أن كرفاف ( يسمى جابون في بعض المناطق"، لم يكن يأكل الحمير ولا يتعرض لها خوفا منها، فقد كان يظن أن آذانها قرونا..وذات مخمصة وفي ليلة مقمرة مر من جانبه حمار فلم يهيجه، لكن الحمار المسكين وجه سؤالا إلى كرفاف قائلا : "أنت ما اتسلم اعلي امالك ؟ ، فقال له : خايفك لا تنطحني بقرونك، فقال الحمار : هذه ليست قرون ، هذا ألا اجليدات..فقال له كرفاف : حركهم شوف ؟ ..فهز الحمار أذنيه ، وما إن تأكد كرفاف من ضعفه حتى هاجمه وقضى عليه، ومن يومها بدأت العداوة بينهما..

وحتى لو كان الحمار غبيا أو بليدا ، فإنه لا يستحق على سكان نواكشوط إلا الاحترام والتقدير..حفظ الله لنا حميرنا

أحمد فال آبه

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT