أمام فاجعة استشهاد جنود من قواتنا المسلحة اليوم في حادث سير، لا يسعنا إلا أن نتوجه بأحر التعازي للمؤسسة العسكرية، ولأسر الشهداء، راجين من الله العلي القدير أن يتقبل جنودنا شهداء، ويسكنهم فسيح جناته، ويلهم ذويهم جميل الصبر، والسلوان... مرة أخرى تحصد طريق ولد ابنو أرواح جنود أبرياء، بدم بارد، في معركة غير متكافئة، وكأنه بات قدرا علينا أن نستقبل أنباء استشهاد أبنائنا من ساحات حوادث السير المتكررة، وليس من ساحات حرب نخوضها عن سبق إصرار، وإرادة.
صحيح أن حوادث السير غالبا ما تكون مفاجئة، وربما لا يمكن تفاديها، ولا التنبؤ بوقوعها، لكن ما هو أصح أنه عندما تتكرر تلك الحوادث المميتة، بنفس الطريقة، وفي المكان نفسه، وبفارق زمني قليل تطرح علامات استفهام عديدة، أبرزها.. لماذا لا تتم الاستفادة من الحوادث الماضية لمنع وقوع أخرى بنفس الطريقة؟ وما الأسباب المباشرة لهذه الحوادث المتشابهة في شكلها، وضررها ؟ ومن يتحمل المسؤولية بشكل أكبر ؟ أهو السائق، أم القائد العسكري، أم قادة المؤسسة العسكرية ؟؟ ولماذا لا يتم إجراء تحقيق دقيق لمعرفة المقصرين في حماية أرواح أبنائنا، ومعاقبتهم، وعزلهم؟ ويبقى السؤال الأبرز: لماذا لا يمتلك وزير الدفاع، أو قائد أركان الجيوش الشجاعة لإعلان الاستقالة، على الأقل لتحملهما المسؤولية الأخلاقية، بغض النظر عن من يتحمل المسؤولية الجنائية - إن وجدت-؟؟
بالنسبة لنا لا يوجد فرق بين استشهاد جندي واحد، أو عشرين جنديا، كلها أرواح غالية، من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، ودماء زكية، لا تقاس بلعبة الأرقام، ولا تعوض بثمن، وقد حان الوقت لفتح تحقيق جدي داخلي، تجريه المؤسسة العسكرية، في طريقة نقل الجنود، ونوعية العربات، والمركبات، وإجراءات السلامة، والمرافقات، فما عدنا نتحمل أخبارا أخرى قادمة من طريق ولد ابنو، الذي أصبح مثل مثلث برمودا، ولماذا لا يتم نقل الجنود من هذه النقطة جوا، طالما أن هذا الطريق يترصد جنودنا باستمرار.