هل ستشكل "الجهوية" طوق نجاة يضمن للوزير الأول مستقبلا سياسيا واعدا؟ (خاص)

دخل رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز الربع الأخير من مأموريته الثانية والأخيرة بموجب الدستور، وبما أن خيار ترشح ولد عبد العزيز لمأمورية ثالثة بات في حكم المتجاوزن فإن الجميع اليوم يحاول جاهدا التقاط رأس الخيط الناظم للمشهد السياسي المقبل، في محاولة لوضع يد في الكعكة السياسية التي يتم طبخها على نار هادئة، وفق خطوات مدروسة، ومضبوطة، ويبدو أن البعض لم يعد مهتما بمستقبل ولد عبد العزيز في السلطة بقدر اهتمامه بمستقبله هو، ولعل من أبرز هؤلاء الوزير الأول المهندس يحي ولد حدمين الذي يعمل على اتجاهين متناقضين تماما، اتجاه علني يظهر الولاء المطلق لولد عبد العزيز حد التماهي، واتجاه "باطني" يضمر العمل من أجل ضمان مستقبل واعد لولد حدمين في ما بعد منتصف 2019، سواء مع ولد عبد العزيز أو بدونه، فولد حدمين يريد ان يبقى في المشهد بعز "عزيز"، أو بذل ذليل.

يتحدث معظم العارفين بالوزير الأول ولد حدمين عن اعتماده كثيرا على البعد الجهوي المحض، بل إن الرجل نفسه يتفاخر في مجالس خـُلصه بأنه يأخذ على عاتقه مسؤولية ضمان مصالح "أهل الشرك" في الدولة، وأنه يمنحهم الأولوية في التعيينات، والامتيازات، ويرى مقربون من ولد حدمين أن رئيس الجمهورية المقبل يجب أن يكون من أهل الشرق، فقد آن لهم أن يحكموا البلد، ويصب ولد حدمين هنا جام غضبه، ويركز هجومه على رئيس البرلمان الشيخ ولد بايه، لدرجة جعلته يمتنع عن زيارته في المستشفى العسكري بعيد تعرضه لحادث سير على طريق انواذيبو، حيث سارعت شخصيات هامة في النظام لعيادة ولد بايه والاطمئنان عليه، بينما ظل ولد حدمين وفيا لقناعته الجهوية، حتى في ظل موقف إنساني بحت بعيدا عن الاعتبارات السياسية.

حتى الآن لم يصرح ولد حدمين لأنصاره عن مصيره السياسي القريب، وتبدو جهوده منصبة على تحجيم حضور، ونفوذ ولد بايه، بعد أن أصبح فعليا نائب رئيس الجمهورية يتسلم مهامه بمجرد شغور منصب الرئيس لأي سبب، وهو سيناريو لا يريد أنصار ولد حدمين مجرد تخيل حصوله، هذا ويضع المراقبون عدة احتمالات لمستقبل ولد حدمين السياسي.

فإما أن يتم تكليفه مجددا برئاسة الحكومة لما تبقى من مأمورية ولد عبد العزيز، وهو خيار وارد، وإما أن يتم ترشيحه من قبل ولد عبد العزيز لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المقبلة، وهو خيار يبدو أقرب إلى الحـٌلم منه إلى الواقع، لاعتبارات عديدة، وإما أن تتم إقالة الرجل من منصب الوزير الأول، وفي هذه الحالة لن يكون هناك دور للرجل، بحكم تقلده لأرفع منصب بعد الرئيس، علما أن الرجل تقاعد منذ سنوات، وبغض النظر عن أي الاحتمالات سيحصل، إلا أن المسيرات التي أصر ولد حدمين على تنظيمها في مناطق بالحوض الشرقي بعيد الانتخابات الأخيرة ابتهاجا بنصر انتخابي محدود، إضافة إلى الاتصالات السرية مع جهات متعددة، كل ذلك يشير إلى طموح سياسي لدى ولد حدمين، وهو طموح لا يـُعرف هل سيكون البعد الجهوي وحده كافيا لدعمه.

PLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMITPLG_ITPSOCIALBUTTONS_SUBMIT