الفقه، والسياسة في مداخلة للفقيه ولد الزين (المداخلة)
ألقى الدكتور الشيخ ولد الزين ولد لمام مداخلة في حلقة خاصة من صالون الولي محمذن ولد محمودن، وحظيت المداخلة بتعقيبات، وتفاعل من قبل حضور الصالون، وفي ما يلي نص المداخلة:
بسم الله الرحمان الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
مداخلة الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الإمام
في حلقة الصالون يوم 19-08-2017
أود في البدء أن أرحب بكم جميعا باسم هيئة صالون العلامة الولي محمذن ولد محمودن الذي أضحي بحمد الله مركزا فكريا و منتدى علميا و هيئة استشارية دولية فيها يلتقي الخبراء و الباحثون و العلماء دوريا يناقشون قضايا الـأمة و يستشرفون الحلول لمستجدات العصر.
حلقة الصالون اليوم تتناول موضوع ذا أهمية بالغة لتعلقه بالحياة البشرية و طرق المحافظة عليها (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ).
ذلك لأن المصلحة المرسلة دليل واسع من خلاله يظهر شمول الشريعة و اتساع القواعد الأصولية و قدرتها علي استيعاب مستجدات الحياة و إيجاد الحلول المناسبة لحال الناس و واقعهم .
قال سيد عبد الله ولد الحاج ابراهيم العلوي في مراقي السعود :
والوصف حيث الإعتبار يجهل فهو الإستصلاح قل و المرسل
نقبله لعمل الصحابـــــــــــه كالنقط للمصحف و الكتابـــــه
تولية الصديق للفـــــــــــــاروق وهدم جار مسجد للضيـــــــــق
و السياسة الشرعية التي من بابها قانون السير و غيره من القوانين التنظيمية داخلة ضمن المصلحة المرسلة التي هي دليل قائم بذاته في المذهب المالكي .
قال علاء الدين في معين الحكام :
السياسة باب واسع تضل فيه الأفهام و تزل فيه الأقدام و إهمالها يضيع الحقوق و يعطل الحدود و في إنكار السياسة الشرعية رد للنصوص و تغليط للخلفاء .
قال الله تعالي : ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فدخل في هذا جميع مصالح العباد الدينية و الدنيوية علي وجه الكمال .
و قال ابن عقيل : السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلي الإصلاح و أبعد عن الفساد و إن لم يضعه الرسول صلي الله عليه و سلم و لا نزل به الوحي .
و قال ابن نجيم الحنفي : هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها و إن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي .
و كما عند الشاطبي فإن قصد الشارع من وضع الشريعة ابتداء هو المحافظة علي الكليات الخمس من حيث الوجود و من حيث العدم و ذلك بدرء الخلل اللاحق بها من حيث كثرة العوارض .
و هكذا فإن تغير الأحكام لتغير العوائد و الأزمان قاعدة لا تنكر .
قال القرافي : إن جري الأحكام التي مدركها العوائد مع تغيير تلك العوائد خلاف الإجماع و جهالة في الدين .
قال النابغة الغلاوي رحمه الله :
فاحذر جمودك علي ما في الكتب فيما جري عرف به بل منه تب
لأنه الضلال و الإضــــــــــــلال وقد خلت منها الأطـــــــــــــلال
و بالنظر إلي حاجة الفقيه للإستماع و الإستفادة من الآخر القريب و البعيد حتي تكون فتواه علي وزان يحقق مقصد الشارع في المحافظة علي الكليات و قواعد الشرع .
و بذلك نحاول إنتاج فقيه مركب كما يقول شيخنا العلامة حمدا ولد التاه فيكون الفقيه طبيبا و الطبيب فقيها و الإداري خبيرا في الفقه و الطب و القانون و هذا ما نحن بحاجة إليه في هذه الآونة .
و السلام عليكم و رحمة الله تعالي و بركاته.